سُنة مهجورة
--------------
عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
[ إذا لقي أحدكم أخاه ، فليسلم عليه ، فإن حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجر ، ثم لقيه ، فليسلم عليه أيضاً ] السلسلة الصحيحة رقم (186 ) .
وفي هذا الحديث : أمره صلى الله عليه وسلم للمسلمين ، بأن يسلّم أحدهم على أخيه المسلم ، إذا لقيه ، لما فيه من جمع الشمل ، ونفي البُغض ، وجلب المحبة .
والأمر في هذا الحديث إنما هو للاستحباب ، بمعنى أنه للحثّ ، والنّدب ، وليس بواجب . ولا فرق في ذلك بين مَن في المسجد أو خارجه ، بل دلّت السنّة الصحيحة على مشروعية السلام على مَن في المسجد ، سواء كان في صلاة أم لا .
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قباء يُصلي فيه ، فجاءته الأنصار ، فسلّموا عليه وهو يُصلي . قال : فقلت لبلال : كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرد عليهم ، حين كانوا يُسلمون عليه ، وهو يُصلي ؟
قال : يقول هكذا ، وبسط كفّه ، وبسط جعفر بن عون كفّه ، وجعل بطنه أسفل ، وجعل ظهره إلى فوق . السلسلة الصحيحة رقم ( 185 ) .
وقد ذهب إلى الحديث الإمامان أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه ، فقال المروزي : قلت ( يعني لأحمد ) : يسلم على القوم وهم في الصلاة ؟ قال : نعم ، فذكر قصة بلال حين سأله ابن عمر ، كيف كان يرد ؟ قال : كان يشير . قال إسحاق : كما قال . واختار هذا القاضي ابن العربي ، فقال : " وقد تكون الإشارة في الصلاة لرد السلام ، لأمر ينزل بالصلاة ، وقد تكون في الحاجة تعرض للمُصلي . فإن كانت لردّ السلام ، ففيها الآثار الصحيحة ، كفعل النبي صلى الله عليه وسلم في قُباء وغيره " .
والدليل على مشروعية السلام دُبر الصلاة في المسجد : حديث المُسيء صلاته المشهور عن أبو هريرة رضي الله عنه :
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد ، فدخل رجل فصلى ، ثم جاء ، فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فردّ رسول الله صلى الله عليه وسلم السلام ، قال : ارجع فصلّ ، فإنك لم تصلّ ، فرجع الرجل ، فصلى كما صلى ، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ( فعل ذلك ثلاث مرات ) .. أخرجه الشيخان وغيرهما .
قال الألباني رحمه الله : " وبه استدل صديق حسن خان في ( نزل الأبرار ) على أنه – إذا سلم عليه إنسان ثم لقيه على قرب ، يُسن له ، أن يُسلم عليه ثانياَ وثالثاً – " . وقال أيضاً : وفيه دليل أيضاً على مشروعية السلام على مَن في المسجد ، وقد دلّ على ذلك حديث سلام الأنصار على النبي صلى الله عليه وسلم في مسجد قُباء ، كما تقدم ، ومع هذا كله ، نجد بعض المتعصبين لا يعبئون بهذه السّنة ، فيدخل أحدهم المسجد ، ولا يُسلم على مَن فيه ، زاعمين أنه مكروه ، فلعل فيما كتبناه ، ذكرى لهم ولغيرهم ، والذكرى تنفع المؤمنين " ... السلسلة الصحيحة .
والحاصل : أن السلام والمصافحة تكون عند القدوم ، وحال الافتراق ، ولو كان يسيراً ، سواء كان في المسجد أم خارجه .
-----------------------------------
عن كتاب ( القول المبين في أخطاء المصلين ) للشيخ مشهور حسن سليمان